responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الذخائر في تفسیر آیة الشعائر نویسنده : الشیخ باسم الحلي    جلد : 1  صفحه : 1
< =372 =76 ="///11062/01/001." = =12 =" : الذخائر في تفسير آية الشعائر#13;#10; #13;#10;#13;#10;بسم الله الرحمن الرحيم..#13;#10;تسائل كثير من النّاس؛ سيما بعض أهل الفضل عن معنى الشعائر في قوله تعالى: )ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ(..، ما هي ضابطتها الشرعيّة؟!.#13;#10;فمن أين أضحى عنوان الشعائر عند كبار الفقهاء، سنّة وشيعة، موضوعاً تترتب عليه أحكام شرعيّة غاية في الخطورة، لم يعرض لها القرآن الكريم ولا السنّة بالذكر!!!.#13;#10;وهل يقف الأمر عند الشعائر في قول الله تعالى: )ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ(.#13;#10;أم أنّ هناك شيئاً آخر - وهو الحرمات - في قوله تعالى: )ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ( ( )#13;#10;إذ ما معنى الحرمات، وما معنى تعظيمها؟!.#13;#10;بل ما الفرق بين تعظيم الشعائر، وتعظيم الحرمات؟!!!#13;#10;هاك هذا الموجز، في مباحث لترى..#13;#10; #13;#10;#13;#10;تنبيهان ضروريّان!!#13;#10;التنبيه الأوّل:#13;#10;لما كان غرضنا هو الاستدلال والاحتجاج، سردنا الأحاديث بأسانيدها المتصلة المرفوعة، بل قد أدرجنا في أصل الأحاديث ترجمة الرواة ودرجاتهم في الجرح والتعديل بين قوسين، بهذه الصورة ..؛ فعلى سبيل المثال ..#13;#10;قال الإمام ابن سعد: حدثنا علي بن محمد (الإمام الثقة الكبير المدائني)، قال حدثنا ... .#13;#10;فهذا الذي ارتكبناه بين القوسين، إنْ وجد مثله في هذا الكتاب بل في عامّة كتبنا، هو منّا تسهيلاً للباحثين والمحققين، ومصادره في الجملة هي تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وسير أعلام النبلاء للذهبي، وغيرها من مصادر الرجال السنّية، المتسالم عليها.#13;#10;كما ننبّه أيضاً أنّ أهل السنّة (هداهم الله تعالى) يرمزون لما احتج به البخاري بحرف: (خ)، والإمام مسلم بحرف: (م)، ولكون ما احتج به كلاهما، هو أعلى مراتب الصحيح عندهم، تابعناهم في هذا، لنذكره بين الهلالين للفائدة.#13;#10;والأمر هو الأمر فيما لو تعاطينا ذلك في أسانيد أخبارنا الشيعيّة، إذا ما رأينا ضرورة..#13;#10; #13;#10;التنبيه الثاني: #13;#10;وما يلزم التنبيه عليه - أيضاً -؛ أن تصحيح وتضعيف الأسانيد يدور مدار تعديل الرواة وتجريحهم، ولا يخفى أنّ الأنظار في هذا متفاوتة عند علماء النقد والمصطلح، حسب ما يعتبرونه من الأدلة والقرائن، ولطالما اختلفوا فيما هو معتبر منها وما هو ليس بمعتبر (رضوان الله تعالى عليهم)..#13;#10;ولما كان للعبد الآثم الصغير نظر فيما يجب قبوله من القرائن وما لا يجب، فما يجده القارئ الكريم في هذا الكتاب وبقيّة كتبنا، فإنّما هو ما رجح عندي ممّا هو حجّة بيني وبين ربيّ ..#13;#10;فمن ذلك أبني على تصحيح كلّ ما يصحّ عن أصحاب الإجماع إذا عنعنوا إلى المعصوم 7، وعلى حسن وربما وثاقة كلّ من يروي عنه مباشرة أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري، وأحمد بن أبي نصر البزنطي، وابن أبي عمير، والنجاشي، والحسن بن محبوب، وابن قولويه، وعليّ بن إبراهيم (رضوان الله عليهم) ..#13;#10;ومن ذلك أنّ كلّ رواة ابن قولويه في الكامل، وعليّ بن إبراهيم في تفسيره هم ثقات عندي، بشرطين لا يتسنى التفصيل فيهما الآن .. #13;#10;كما أبني على قوّة، بل حسن حال، وربما توثيق من يترضى عنه الصدوق، وكذا مشايخ الإجازة المعروفين المعتمدين، الذين ترجم لهم الطوسي والنجاشي من دون توثيق، ومن هذا القسم من روى عنه الأجلاء فأكثروا، شرط إلاّ يرد فيمن ذكرنا من النوعين أيّ طعن ..#13;#10;وعندي أيضاً أنّ كلّ إسناد في الكتب الأربعة، بل في عامة الأصول الأربعمائة، وقع فيه راوٍ إمامي مجهول الحال، لم يرد فيه أيّ طعن، لا ينزل عن مرتبة القويّ، وكذا وكلاء الأئمّة (عليهم السلام) بالشرط أعلاه.#13;#10;والقوي هي: المرتبة المشككة بين الحسن والضعيف كما لا يخفى على أهل الفنّ. وغير ذلك مما لا يسعنا الآن.#13;#10; #13;#10;#13;#10;المبحث الأوّل#13;#10; معنى الشعائر#13;#10;الشعائر في اللغة!!.#13;#10;أجمع أهل اللغة - دون استثناء - أنّ الشعائر تعني: العلامات.#13;#10;واحدتها شعيرة؛ أي علامة. وأَشْعرَ فلان بيته، أو دابته؛ أي عَلَّمَها بعلامة ما.#13;#10;الشعائر في الاصطلاح!!!#13;#10;هي: كلّ ما جعله الله تعالى علماً لطاعته..؛ ندب إليه وأمر بالقيام عليه.#13;#10;وقد جمع بين المعنيين الشرعي والاصطلاحي أئمة اللغة وأهل العلم على النحو الآتي..#13;#10;قال أبو البقاء في كليّاته: )شَعائِر اللّهِ(أعلام دينه التي شرّعها الله( ). #13;#10;وقال الزجّاج: يُعْنَى بها كلّ متعبّدات الله التي أشعرها الله؛ أي جعلها أعلاماً لنا، وهي كلّ ما كان من موقفٍ أو مسعىً أو ذِبْح ( ).#13;#10;وقال الجوهري في الصحاح: والشعائر: أعمال الحج، وكلّ ما جُعلَ علماً لطاعة الله تعالى. قال الأصمعي: الواحدة شعيرة. والمشاعر: مواضع المناسك. والمشعر الحرام: أحد المشاعر( ). #13;#10;وقال ابن الأثير: قال الأزهري: الشعائر: المعالم التي ندب الله إليها وأمر بالقيام عليها ( ).#13;#10;وقال ابن منظور في كتابه لسان العرب: وإنمّا قيل: شعائر لكلّ عَلَمٍ ممّا تعبد به؛ لأنّ قولهم: شعرت به علّمتُه، فلهذا سميت الأعلام التي هي متعبدات الله تعالى: شعائر. والمشاعر: مواضع المناسك( ).#13;#10;وقال البغوي في تفسيره: )شَعائِر اللّهِ(أعلام دينه..؛ أصلها من الإشعار وهو الإعلام، واحدتها شعيرة ( ).#13;#10;وكذلك قال الواحدي ( )وأبو السعود ( ) والرازي ( ) وغيرهم.#13;#10;قال الإمام ابن حجر في فتح الباري: شعائر الله جمع شعيرة أي علامة ومنه المشعر الحرام ومشاعر الحج قوله ثم لم أشعر أي لم أعلم ومنه قولهم ليت شعري( ).#13;#10;ولم يخالف أصحابنا رضوان الله عليهم فيما سردناه آنفاً، قال الشيخ الطبرسي 1 على سبيل المثال: )إنّ الصفا والمروة من شعائر الله( أي: أنّهما من أعلام متعبداته. وقيل: من مواضع نسكه وطاعاته ( ).#13;#10; #13;#10;#13;#10;مناسبة المعنى الشرعي للاصطلاحي #13;#10;قلنا: أجمع أهل اللغة على أنّ الشعائر هي: العلامات. لكن من أين جاء هذا..؛ إذ ما المناسبة بين الشعائر والعلامات، مع أنّهما مشتقان من مادّتين متباينين؟!!!.#13;#10;قلنا بإيجاز: التباين إنّما هو بالنظر لاشتقاق كلّ من المادتين بما اصطلحوا عليه: الاشتقاق الصغير، أمّا في الكبير (=الاشتقاق الكبير) فهما مترادفان دون كلام..؛ بيان ذلك..#13;#10;تقول: شعرت بالشيء وبالأمر، أي علمت به.#13;#10;فقولهم: الشعائر هي: المعالم؛ من باب أنّها تورث العلم بمتعلقاتها.#13;#10;ومن ذلك الهدي..؛ قال الرازي: فالهدي الذي يهدى إلى مكة يسمّى شعائر؛ لأنّها معلّمة بعلامات دالة على كونها هدايا( ).اهـ. #13;#10;قلت: أي دالة على أنّها من المناسك، لا يسوغ بيعها ولا شراؤها وغير ذلك من الأحكام.#13;#10;قال الطبري في تفسيره: الشعائر جمع شعيرة، والشعيرة – فعيلة - من قول القائل: قد شعر فلان بهذا الأمر، إذا علم به. فـالشعائر: المعالم من ذلك( ).#13;#10;أقول: ومخاض كلّ ما تقدّم – لغة واشتقاقاً واصطلاحاً - أنّ الشعائر - من هذه الجهة - هي: كلّ ما يورث العلم بالسبيل إلى الله تعالى.#13;#10;ولك أن تقول هي: كلّ ما يهدي إلى الله تعالى.#13;#10;كم عدد الشعائر؟!!.#13;#10;قال البعض شذوذاً: إنّ الشعائر خصوص ما ذكره الله تعالى في القرآن، وليست هي إلاّ الصفا والمروة والمزدلفة والبدن؛ لقول الله: )إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعائِر اللّهِ( ( ). وقوله سبحانه: )وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعائِر اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ( ( ). وقوله تعالى: )فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ( وهو جبل في المزدلفة.#13;#10;لكن قد انبلج في أكبر الظنّ - من مجموع المعنين اللغوي والاصطلاحي - أنّ مثل هذا السؤال، لا يصدر إلاّ عن جاهل؛ فحسبنا في النقض على مثله: هل الحجر الأسود عظمه الله ليس من الشعائر لعدم النصّ، مع العلم الضروري، ناهيك عن الإجماع القطعي، أنّه أشرف وأقدس من نفس الكعبة ناهيك عن الصفا والمروة والبدن؟!!.#13;#10;قال القرطبي في تفسيره: )مِن شَعائِر اللّهِ:( نص في أنّها بعض الشعائر( ).#13;#10;لهذا وغيره جزم العلماء؛ كابن تيمية في كتابه الفتاوى الكبرى بأنّ مثل إمامة الصلاة في المساجد والأذان، شعائر( ). #13;#10;وفي موضع آخر قال: جَمْعُ النّاس في العيدين وأيّام التشريق على الطعام، سنّة، وهو من شعائر الإسلام( ). #13;#10;وقال: إنّ صلاة الجماعة أعظم شعائر الإسلام( ).#13;#10;ضابطة الشعائر الشرعيّة !!!#13;#10;ما هي حقيقة الشعائر؛ أي المعالم التي تهدي إلى الله تعالى ؟!!!. #13;#10;فحتى المشركون قد قالوا في أصنامهم المدحورة: )مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى( فما السبيل؟!!.#13;#10;ببساطة حسبنا قول الله تعالى: )ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ( وهو ظاهر في الضابطة الشرعيّة بما لا شكّ معه..#13;#10;وتقريبه: استحالة أن يأمر الله تعالى بتعظيم شيء، ليس هو في نفسه بعظيم؛ للسفه، وهو محال في فعل العليم الحكيم سبحانه..#13;#10;فعلى هذا فضابطة الشعائر – إثباتاً أو نفياً - تدور على: #13;#10;كلّ ما كان عند الله ورسوله عظيماً محترماً.#13;#10;يشهد له جواز التقدير في الآية إجماعاً؛ هكذا: #13;#10;)ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ (=ما عظّم الله ورسوله) فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ(.. #13;#10;وهكذا قوله تعالى: )وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعائِر اللَّهِ (=ممّا عظّم الله ورسوله) لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ(.#13;#10;#13;#10;الضابطة على لسان البجنوردي 1#13;#10;قال رحمه الله في قواعده: فكلّ ما هو محترم عند الله ومن علائم الدين فهو من حرمات الله، ومن شعائره عز وجل( ).#13;#10;المبحث الثاني #13;#10;معنى الحرمات#13;#10;قال الله تعالى: )ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ(وقد اختلفت ألفاظهم في تفسير الحرمات، لكن كلّها ترجع إلى معنى واحد، وهو انتهاكها بالاستحلال..#13;#10;قال الجوهري (393هـ): الحرمة (=مفرد حرمات): ما لا يحلّ انتهاكه( ).#13;#10;ومثله قال ابن سيدة (458هـ) في كتابه المحيط في اللغة. وزين الدين الرازي الحنفي (666هـ) في مختار الصحاح ( ).#13;#10;وقال ابن الجوزي (597هـ): قال الليث: الحرمة: ما لا يحل انتهاكه( ).#13;#10;أقول: و قول مجاهد (104هـ) على سبيل المثال: الحرمات: كلّ ما نهى الله تعالى عنه من معاصيه( ).#13;#10;ومثله قول الزجاج: الحرمة: ما وجب القيام به، وحرم التفريط فيه( ).اهـ. #13;#10;لا ينافي ما ذكرناه، فيما هو بيّن..، وسيتبين أكثر في العنوان الآتي..#13;#10; #13;#10;#13;#10;الشعائر هي نفس الحرمات !!.#13;#10;هذا ما عليه محققو الفريقين فقهاء ومفسّرون؛ والفرق بينهما إنّما هو في المتعلّق لا غير فيما سيتضّح..؛ حسبنا للجزم بذلك أدنى مقارنة بين..#13;#10; قوله تعالى: )ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ(#13;#10;قوله تعالى: )ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ(#13;#10;فكلاهما ممّا عظّم الله تعالى، ولا شبهة في صحّة التقدير في آية الحرمات كما صحّ في آية الشعائر..؛ يدلّ عليه من الأخبار الجامعة..#13;#10;أخرج الطبري قال: حدثنا بشر بن معاذ (العقدي البصري ثقة) قال، حدثنا يزيد (زريع العبشي، ثقة خ م) قال، حدثنا سعيد (بن مهراون العدي، ثقة خ م)، عن قتادة (الإمام بن دعامة السدوسي ثقة خ م): الله يعظّم من أمره ما شاء..؛ إنّ الله اصطفى صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رسلاً، ومن الناس رسلاً، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظَّم الله، فإنّما تعظم الأمور بما عظَّمها الله عند أهل الفهم وأهل العقل( ).#13;#10;أقول: إسناده صحيح.#13;#10;وأخرج ابن سعد في الطبقات قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي (ثقة ثبت خ) قال: أخبرنا عطاف بن خالد المخزومي (ثقة لا بأس به), عن ابن حرملة (عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي ثقة م), عن سعيد بن المسيب (لا يسئل عن مثله، ثقة خ م) , قال: لا تقولن: مصيحف, ولا مسيجد, ولكن عظموا ما عظم الله..؛ كل ما عظم الله فهو عظيم حسن( ).#13;#10;أقول: إسناده حسن صحيح فيما هو واضح.#13;#10;ومن طرقنا..؛ قال المجلسي في الروضة: وفي القوي، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم: «من أوتي القرآن، فظن أن أحداً من الناس أوتي أفضل ممّا أوتي، فقد عظّم ما حقر الله، و حقّر ما عظّم الله».#13;#10;وأخرج الكليني في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه و علي بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري قال علي بن الحسين عليه السلام: «من أعطاه الله القرآن، فرأى أن رجلا أعطي أفضل ممّا أعطي، فقد صغّر عظيماً و عظّم صغيراً».#13;#10;قال المجلسي: إسناده قويّ ( ).#13;#10;وقد سردنا لك قبل قليل قول البجنوردي: فكلّ ما هو محترم عند الله ومن علائم الدين فهو من حرمات الله، ومن شعائره عز وجل( ). #13;#10;وقال 1 عدا ذلك: المراد من حرمات الله وشعائر الله: مطلق ما هو محترم في الدين( ).#13;#10; #13;#10;#13;#10;المبحث الثالث: #13;#10;معنى التعظيم في الشعائر وفي الحرمات؟!!!.#13;#10;بان فيما نحسب أنّ الشعائر هي عين الحرمات، لا فرق بينهما إلاّ في المتعلّق، وهو: الحكم الشرعي المترتّب عليهما..#13;#10;فمتعلّق التعظيم في الشعائر: هو المحبوبيّة والأمر. وفي الحرمات، هو المبغوضيّة والنهي.. #13;#10;وبعبارة أخرى..#13;#10;فالتعظيم في الشعائر: هو مطلوبيّة التقديس..#13;#10;وفي الحرمات: مبغوضيّة الانتهاك والاستحلال والتفريط. #13;#10;وقد قال مشهور مفسرو السنة والشيعة في قوله )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ( ( ): لا تنتهكوها. #13;#10;كما حكينا قبل قليل. هاك هذا المثال ليتضح الأمر..#13;#10; #13;#10;#13;#10;مثال: تعظيم النبي 9، شعائرياً وحرماتياً#13;#10;الأوّل: تعظيم النبي على أنّه من الشعائر.#13;#10;فتعظيم النبي9- على أنّه من الشعائر -: فإنّما هو بطاعته وتجليله وتقديسه، وزيارته، والاستشفاع به، والتبرك بنوره، والتوسل بعظيم حرمته على الله تعالى، والاستعانة (الاستغاثة) به على ما قضى الله سبحانه.#13;#10;وهو على نحوين في مرتبتين..؛ واجب ومستحب..#13;#10;مثال التعظيم الواجب: العمل بسنّته المعظّمة. والانصياع لما فيها..#13;#10;ومثال التعظيم المستحبّ: زيارته والتوسل به، بل الاستغاثة به، وقد نقل الإمام السبكي الشافعي في كتابه (شفاء السقام) إجماع الأمّة على حسن الاستغاثة بالنبي، ناهيك عن زيارته والتوسل به. ولم يخالف فيه من أهل القبلة إلاّ ابن تيمية وأتباعه، وهو من مستبشعاته فيما قال الحافظ ابن حجر..#13;#10;#13;#10;الثاني: تعظيم النبي على أنّه من الحرمات.#13;#10;أمّا تعظيمه 9- على أنّه من الحرمات - فبالكفّ عن كلّ ما يلزم منه هتك حرمته المقدّسة 9.#13;#10;والهتك على نحوين في مرتبتين، محرّم ومكروه..#13;#10;فمن الهتك المحرّم: تنجيس قبره المقدّس بالاختيار، بلا اجبار أو اضطرار..#13;#10;ومن الهتك المكروه، الخوض في أمور الدنيا واللهو، عند قبره المقدّس.#13;#10;وقس على ذلك بقيّة ما عظّم الله تعالى كالكعبة والقرآن والمسجد و.... #13;#10; #13;#10;#13;#10;المبحث الرابع#13;#10;الشعائر (=الحرمات) على ثلاثة أنواع!!.#13;#10;النوع الأوّل: الذوات؛ وهي على ثلاثة أقسام..#13;#10;1-الإنسان: كالأنبياء والمرسلين والأوصياء والصديقين، سيما المطهرين من الرجس تطهيرا ً:، وكذا صالحي المتقين...، وكلّ بحسبه على ما سنبيّن..#13;#10;2-الحيوان: كناقة صالح 7. ولعظيم حرمتها أضافها الله تعالى إلى ذاته المقدّسة فقال سبحانه جلّ ذكره: )ناقة الله(. #13;#10;3-الجماد: كالحجر الأسود، الكعبة، تابوت بني إسرائيل، عصى موسى، وقميص إبراهيم. وقد ينضاف قسم رابع في الشجر؛ للنص، وفيه نظر.#13;#10;#13;#10;النوع الثاني: الأمكنة. ككربلاء، الكوفة، والمساجد الأربعة: الحرام، والمدينة، والأقصى والكوفة. وأشرف منها قبور أهل العصمة:، وقد جزم جماعة من أهل السنّة أنّ قبر النبي أشرف من الكعبة ناهيك عن بقيّة بقاع الأرض.#13;#10;#13;#10;النوع الثالث: الأزمنة. ومن ذلك ليلة القدر، الغدير، يوم عاشوراء، شهر رمضان وهكذا، وكلّ بحسبه.#13;#10;ولقد أجمع الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم على حرمة إظهار الفرح يوم عاشوراء؛ استهانة بعظيم مصاب الحسين 7، لكن لو وقع بعض المزاح بين المؤمنين من دون استهانة، فمكروه..، ومّما ينبغي التعرض له..#13;#10; #13;#10;#13;#10;مراتب ذوات الإنسان المعظّمة !!!#13;#10;وهي على نحوين خاصّة وعامّة..؛ فالخاصّة، هي الذوات المقدّسة، التي نصّ الشرع عليها بأعيانها، وهي على ثلاثة أقسام.. #13;#10;#13;#10;الأوّل: الأنبياء والمرسلون، سيدّهم محمّد وآل محمدّ 9..#13;#10;#13;#10;الثاني: الأوصياء والصديقون؛ كلقمان والخضر ويوشع وطالوت وآصف بن برخيا وآسية ومريم وخديجة :، بل قاطبة آباء وأمّهات الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم.#13;#10;#13;#10;الثالث: من نصّ الشرع على عظيم حرمتهم بأعيانهم؛ كقول النبي: «سلمان منا أهل البيت» وكقوله: «ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر» وكقوله: «عمار من أهل الجنّة» و: «تقتله الفئة الباغية» وكقوله9: «أمرني الله بحب أربعة وأخبرني أنهم يحبهم، المقداد وسلمان وأبو ذر وعليّ7 » ومن هذا الصنف شهداء كربلاء وأصحاب مولانا المهدي عجل الله تعالى فرجه.#13;#10;أمّا العامّة فهم من نصّ الشرع على حرمتهم بالنوع لا بالعين؛ كقوله: «العلماء ورثة الأنبياء».#13;#10; #13;#10;#13;#10;زينب والعبّاس والأكبر : في أي مرتبة؟!!.#13;#10;قولان، المشهور كما عن ظاهر المفيد وغيره رضوان الله عليهم أنّهم في أشرف الثالثة. وهناك من ذهب إلى أنّهم في الثانية، لكن دون أهلها بقليل.#13;#10;أقول: الصحيح السكوت، حتى مع العلم الضروري أنّهم أشرف من أهل المرتبة الثالثة؛ والوجه فيه سكوت آل محمد صلوات الله عليهم، عن بيان حالهم بعمد، حتى مع تصريحهم: أنّهم من سادات أهل البيت والجنة وغير ذلك..؛ وكأنّ في الأمر سرّاً سماوياً، لا يحتمله إلاّ عبد امتحن الله قلبه للإيمان، وليس أغلب الناس كذلك، ولو كانوا من أهل الولاء؛ فافهم!!.#13;#10;وإلاّ فأيّ عقل يبقى، وأيّ لبّ يهدأ، أمام فضل مولاتنا زينب صلوات الله عليها على العالمين، منذ كربلاء إلى يوم الدين..#13;#10;فلعمري لقد أؤتمنت أرواح العالمين لها الفداء، على بقاء شعلة المرسلين، وذريّة النبيّين، وديمومة المعصومين المطهّرين، بما يعجز العقل عن دركه، ويحار اللب في حدّه، تتيه النهى حياله، وتتقاصر الحجى أمامه، والمصيبة العظمى أنّ إمامنا ومولانا الحسين صلوات الله عليه منعها حتّى من إظهار الحزن والبكاء قبل تحقيق ذلك؛ فمن يطيق هذا في السماوات والأرضين عدا الصدّيقين؟!!.#13;#10;والفضل لله تعالى ولرسوله ولأهل البيت عليهم السلام.#13;#10; #13;#10;#13;#10;لا تثبت الشعائر إلاّ بنصّ قطعيّ !!.#13;#10;لو تساءلنا مثلاً هل الحسن والحسين والصديقة فاطمة صلوات الله عليهم من شعائر الله تعالى؟!!!#13;#10;قلنا: لا ترديد أنّهم : قد عظمهم الله ورسوله؛ حسبنا المتواتر النبويّ المقطوع عند أهل القبلة (=مقطوع الصدور): «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما خير منهما» وهذا النص، لم يسع حتّى النواصب جحده عبر الأزمان. #13;#10;ولا يسعنا البسط في طرقه وشواهده ومتابعاته التي لا تحصى بسهولة، وحسبنا في الصدّيقة أنّها أمّ أبيها: «سيّدة نساء العالمين» تلك البتول الطاهرة المطهرّة التي: «يغضب الله لغضبها، ويرضى لرضاها» أرواحنا لها الفداء.#13;#10;ناهيك عن حديث الثقلين والغدير والراية « لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّه الله ورسوله، ويحبّ الله ورسوله، كرار ليس بفرار، يفتح الله على يديه» وغيرها من المتواترات المقطوعات..#13;#10;ونؤكّد أنّ اشتراط التواتر إنّما هو في أصل الشعائر؛ فإذا ثبتت من دون خلاف يعبأ به، لا بأس بأخبار الآحاد الحجّة فيما تفرّع عنها، وهذا يحتاج إلى تطويل لا يسمح به المقام..#13;#10;وهنا ننبّه إلى أمر خطير ومطلب جلل؛ فلو تساءلنا: لماذا يمنع أهل النصب عبر الأزمان من إحياء الشعائر، سيما الذوات المقدّسة؟!!!.#13;#10;قلنا: جوابه واضح؛ إذ ليس في سلفهم إلاّ من كان شعاراً لخيانة الله، وضرب القرآن، والاستخفاف بالرسول، والغدر بمحمد وآل محمّد 9، كمعاوية ويزيد و...، فهذا الذي حدا بهم لذلك. #13;#10;المبحث الخامس:#13;#10;إشكال بدعيّة بعض الشعائر الحسينيّة!!!.#13;#10;قيل: إنّ بعض ما يدرج في قائمة الشعائر، هو بدعة، سيما بعض الممارسات في إحياء شعائر المولى، سيّد الشهداء، أبي عبد الله الحسين أرواحنا له الفداء؛ لعدم النص عليها.#13;#10;قلنا: هذا خطأ محض، لوجود النصّ الصحيح في رجحان الجزع على مصاب سيد الشهداء صلوات الله عليه..؛ فهاك بعض طرقنا في هذا..#13;#10;#13;#10;الطريق الأول: صحيح ابن بكير #13;#10;أخرج ابن قولويه قال: حدثني أبي ومحمد بن الحسن جميعاً، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله 7 قال:« دخلت فاطمة عليها السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وعيناه تدمع، فسألته: مالك، فقال: «إنّ جبرئيل عليه السلام أخبرني أنّ أمتي تقتل حسيناً، فجزعت وشقّ عليها، فأخبرها بمن يملك من ولدها، فطابت نفسها وسكنت»( ).#13;#10;أقول: إسناده صحيح، ولا يضر الإبهام، لكون ابن بكير من أصحاب الإجماع. يشهد له.. #13;#10;#13;#10;الطريق الثاني: صحيح معاوية بن وهب #13;#10;روى الصدوق عن أبيه قال: حدثني سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن محمّد بن أبي عمير عن معاوية بن وهب، قال: استأذنت على أبي عبد الله الصادق 7 فقيل لي: ادخل فدخلت، فوجدته في مصلاّه في بيتِه، فجلستُ حتى قضى صلاتَه، فسمعتُه وهو يُناجِي ربَّه وهو يقولُ: « اللهمَّ يا مَنْ خَصّنَا بالكرامةِ، وَوَعَدَنَا بالشّفاعةِ، وخَصّنَا بالوصيّةِ، وأعطانا عِلْمَ ما مضى وعِلْمَ ما بقي، وجعل أفئدةً من النّاسِ تهوي إلينا، اغفرْ لِي، ولإخواني، ولزوّارِ قبرِ أبي عبدِ اللهِ الحسينِ، الذينَ انفقوا أموالَهم، وأشْخَصُوا أبْدانَهم؛ رغبةً في بـرِّنَا، ورَجاءً لِمَا عندَكَ في صِلَتِنَا، وسروراً أدْخلُوه على نبيِّك، وإجابةً منهم لأَمْرِنا، وغيْظاً أدخلُوه على عدوِّنا؛ أرادوا بذلكَ رِضْوانَك فكافئهم عنّا بالرضوان، واكْلَؤْهُم بالليلِ والنّهارِ، واخْلِف على أهاليهم وأولادهم الذين خُلِّفُوا بأحسن الخَلَفْ، واصحبْهُم، واكفِهِم شرَّ كلِّ جبارٍ عنيدٍ، وكلِّ ضعيفٍ من خلقِكَ وشديدٍ، وشرَّ شياطينِ الإنسِ والجنِّ، واعطِهِم أفضلَ ما أمَّلُوا مِنْكَ في غُرْبتِهم عن أوطانِهم، وما آثَرُونا به على أبنائِهم وأهاليهم وقراباتِهم. اللهمّ إنّ أعداءنا عابوا عليهم بخروجِهم، فلم ينهَهُم ذلك عن الشخوصِ إلينا؛ خلافاً منهم على مَنْ خَالَفَنا. فارحم تلكَ الوجوهِ التي غيَّرتْهَا الشمسُ، وارحمْ تلكَ الخدودَ التي تتقلّبُ على حفرةِ أبي عبدِ اللهِ الحسينِ عليه السلام، وارحم تلكَ الأعْيُنَ التي جَرَتْ دموعُها رحمةً لنا، وارحم تلكَ القلوبَ التي جَزَعَتْ واحترقتْ لنا، وارحم تلكَ الصرخةَ التي كانت لنا...» ( ).#13;#10;أقول: إسناده صحيح دون كلام.#13;#10;#13;#10;الطريق الثالث: حسن معاوية بن وهب #13;#10;أخرج الشيخ الطوسي قال: حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه رحمه الله قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب الزراد، عن أبي محمد الأنصاري، عن معاوية بن وهب، قال: كنت جالساً عند جعفر بن محمد عليهما السلام إذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر، فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته.#13;#10;فقال له أبو عبد الله الصادق 7: « وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يا شيخ أُدن منّي» فدنا منه فقبل يده فبكى. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: «وما يبكيك يا شيخ»؟!. قال له: يا ابن رسول الله، أنا مقيم على رجاء منكم منذ نحو من مائة سنة، أقول: هذه السنة وهذا الشهر وهذا اليوم، ولا أراه فيكم، فتلومني أن أبكي!!.#13;#10;قال: فبكى أبو عبد الله عليه السلام ثمّ قال: «يا شيخ، إن أُخّرت منيتك كنت معنا، وإن عُجّلت، كنت يوم القيامة مع ثقل رسول الله صلى الله عليه وآله» فقال الشيخ: ما أبالي ما فاتني بعد هذا يا ابن رسول الله. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: «يا شيخ، إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله المنزل، وعترتي أهل بيتي، تجيء وأنت معنا يوم القيامة».#13;#10;قال الصادق 7: « يا شيخ، ما أحسبك من أهل الكوفة»؟. قال: لا. قال: «فمن أين أنت»؟. قال: من سوادها جعلت فداك. قال: «أين أنت من قبر جدي المظلوم الحسين عليه السلام»؟. قال: إنّي لقريب منه. قال 7: «كيف إتيانك له»؟. قال: إنّي لآتيه وأكثر.#13;#10;قال الإمام 7: «يا شيخ، ذاك دم يطلب الله تعالى به؛ ما أصيب ولد فاطمة ولا يصابون بمثل الحسين عليه السلام، ولقد قتل عليه السلام في سبعة عشر من أهل بيته، نصحوا لله وصبروا في جنب الله، فجزاهم أحسن جزاء الصابرين، إنّه إذا كان يوم القيامة أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه الحسين عليه السلام ويده على رأسه يقطر دماً..، فيقول 9: «يا رب، سل أمتي فيم قتلوا ولدي»؟!!!. وقال عليه السلام: «كلّ الجزع والبكاء مكروه، سوى الجزع والبكاء على الحسين عليه السلام»( ).#13;#10;أقول: إسناده حسن صحيح؛ رجاله ثقات إلاّ أبا محمّد الأنصاري لعدم النص على توثيقه، وقد ورد عن جماعة من أصحابنا القدماء أنّه: كان خَيِّراً( ). وقد وثّقه لذلك غير واحد من أهل الفنّ، وبعض كبار العلماء وصف الرواية الآنفة، في بعض كتبه بالصحيحة، مع أنّ الأنصاري قد تفرّد بها( ). لكن ذهب الأكثر إلى القول بحسن حاله وحسن عامّة مرويّاته، كما فعل صاحب الجواهر والسيّد الخوئي وغيرهما رضوان الله عليهم( )، ولم أجد من خالف؛ فالحديث حسن في أقلّ أحواله، بل صحيح على الأقوى.#13;#10;وتقريب الاستدلال بهذه الأخبار أن يقال: كل ما انطبق عليه عنوان الجزع وإن كان في نفسه مبغوضاً مكروهاً، فهو مستثنى في شعائر سيد الشهداء عليه السلام، فلا بدعة.#13;#10;بل قد صحّ وتواتر أنّ ثمّة جزع، هو في نفسه محرّم، قد تعاطينه الهاشميات صلوات الله عليهنّ لمصاب الحسين في كربلاء، وهو شق الثياب واللطم على الصدور حزناً على الحسين، قد أمضاه لهنّ الإمام السجاد، بل قد كان يصنع لهنّ الطعام بيديه المقدستين صلوات الله عليهم..#13;#10;والحاصل: فالجزع بهذا المقدار مستثنى في شعائر أبي عبد الله الحسين وكربلاء، وإن كان مبغوضاً في غيره صلوات الله عليه..#13;#10;وممّن جزم بتواتر فعل الفاطميّات العاملي في مفتاح الكرامة، بل غيره في غيره قائلاً: فعل الفاطميات سلام الله عليهنّ على الحسين عليه السلام متواتر، فيمكن الاستدلال به على المسألة مع تقرير زين العابدين عليه السلام( ).#13;#10; #13;#10;#13;#10;المبحث السادس#13;#10;ما رواه أهل السنّة في بكاء النبي على مصيبة كربلاء#13;#10;أخرج الحاكم في المستدرك عن أمّ الفضل بنت الحارث أنّها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يارسول الله إنّي رأيت حلماً منكراً الليلة قال: «وما هو»؟ قالت: إنّه شديد!!! قال: «وما هو»؟ قالت: رأيت كأنّ قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري!!. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: «رأيت خيراً؛ تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً، فيكون في حجرك» فولدت فاطمة الحسين، فكان في حجري كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله، فدخلت يوماً إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فوضعته في حجره، ثمّ حانت منّي التفاتة فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وآله تهريقان من الدموع فقلت: يا نبيّ الله بأبي أنت وأمّي، مالك؟. قال 9: «أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام فأخبرني أنّ أمّتي ستقتل ابني هذا» فقلت: هذا؟. فقال: «نعم وأتاني بتربة من تربته حمراء». وعلّق عليه الحاكم قائلاً: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه( ).#13;#10;أخرج الطبراني في الكبير قال: حدثنا أحمد بن رشدين المصري، حدثنا عمرو بن خالد الحرّاني، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: دخل الحسين بن علي رضي الله عنهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يُوحى إليه، فنزا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منكب وهو على ظهره، فقال جبريل لرسول الله: أتحبه يا محمد؟ قال: «يا جبريل وما لي لا أحب ابني!! قال: فإنّ أمتك ستقتله من بعدك» فمد جبريل عليه السلام يده فأتاه بتربة بيضاء فقال: في هذه الأرض يقتل ابنك هذا، واسمها الطفّ، فلمّا ذهب جبريل عليه السلام من عند رسول الله خرج رسول الله والتزمه في يده يبكي، فقال: «يا عائشة إنّ جبريل أخبرني أنّ ابني حسين مقتول في أرض الطف وأنّ أمتي ستُفتن بعدي» ثمّ خرج إلى أصحابه فيهم علي وأبو بكر وعمر وحذيفة وعمار وأبو ذر رضي الله عنهم وهو يبكي، فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟؟ فقال: «أخبرني جبريل عليه السلام أنّ ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطّفّ، وجاءني بهذه التربة، وأخبرني أنّ فيها مضجعه».#13;#10;أقول: إسناده حسن صحيح، رجاله ثقات، وابن لهيعة، ثقة احتج به جماعة، وجماعة على أنّه حسن الحديث. #13;#10;وأخرج أحمد في مسنده المعروف بسنده عن عبد الله بن نجي الحضرمي قال: إنّه سار مع علي رضي الله عنه، وكان صاحب مطهرته، فلمّا حاذى نينوى، وهو منطلق إلى صفين، نادى عليّ: «اصبر أبا عبدالله، اصبر أبا عبدالله بشط الفرات» قلت: وما ذاك؟!. قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم وإذا عيناه تذرفان قلت: يا نبيّ الله، أأغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: «بل قام من عندي جبريل عليه السلام فحدثني أنّ الحسين يقتل بشط الفرات، فقال: هل لك أن أشمّك من تربته؟. قلت: نعم، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عينيّ أن فاضتا».#13;#10;قال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد وأبو يعلي والبزار والطبراني، ورجاله ثقات، ولم ينفرد نجيّ بهذا( ). وقد قال الألباني في سلسلته الصحيحة معلقاً: أي له شواهد تقوّيه، وهو كذلك( ).#13;#10;أقول: ومن الشواهد ما أخرجه ابن أبي شيبة والطبراني بإسناديهما عن أبي إسحاق، عن هانىء بن هانىء، عن أمير المؤمنين علي قال: «ليقتلنّ الحسين وإنّي لأعرف التربة التي يقتل فيها قريباً من النهرين»( ). قال الإمام الهيثمي(807هـ): رواه الطبراني ورجاله ثقات( ).#13;#10;ومنها أيضاً ما أخرج الطبراني بسنده عن أبي هرثمة قال: كنت مع علي رضي الله عنه بنهر كربلاء، فمرّ بشجرة تحتها بعر غزلان، فأخذ منه قبضة فشمها، ثمّ قال (=علي): «يحشر من هذا الظهر سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب». قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات( ). #13;#10;يشهد له أيضاً ما أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده قال: حدثنا وكيع، قال حدّثنا عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن عائشة أو أم سلمة - قال وكيع: شكّ عبد الله - أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لإحداهما: «فأخرج تربة حمراء» لقد دخل عليّ البيت ملك فلم يدخل عليّ قبلها، قال: إنّ ابنك هذا حسين مقتول وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها قال: فأخرج تربة حمراء».#13;#10;قال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح( ). وقال الألباني: رجاله رجال الشيخين( ).#13;#10;شهداء كربلاء من شعائر الله تعالى#13;#10;هذا معلوم ضرورة عندنا، ومن طرق أهل السنّة ما أخرجه ابن عساكر في تاريخه المعروف والطبراني في المعجم الكبير؛ بإسناديهما عن عوانة، عن عطاء بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن شيبان بن مخرم وكان عثمانيّاً، قال: إنّي لَمَعَ عليّ رضي الله عنه إذ أتى كربلاء؛ فقال: «يقتل في هذا الموضع شهداء، ليس مثلهم شهداء إلاّ شهداء بدر». فقلت: بعض كذباته...، فلمّا قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، انطلقتُ ومعي أصحاب لي؛ فإذا جثة الحسين بن علي رضي الله عنه على ذلك الموضع، وإذا أصحابه ربضة حوله.#13;#10;قال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه عطاء بن السائب وهو ثقة، ولكنّه اختلط، وبقية رجاله ثقات( ).#13;#10;أقول: فالحديث حسن في أقل الأحوال.#13;#10;وقول أبي الحسنين 7: «يقتل في هذا الموضع شهداء، ليس مثلهم شهداء إلاّ شهداء بدر» نصٌ ظاهرٌ فصيحٌ أنّ شهداء كربلاء ممّن عظّم الله تعالى؛ فهم إذن من الشعائر دون أدنى كلام.#13;#10;والأصل المتواتر في هذا قوله سبحانه وتعالى: )وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا(( ).#13;#10; #13;#10;#13;#10;تربة كربلاء من الشعائر!!#13;#10;أخبارنا في قدسية تربة كربلاء متواترة، تفيد العلم..#13;#10;ومن طرق أهل السنّة ما أخرجه الطبراني عن أبي الطفيل قال: استأذن ملك القطر أن يسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة فقال: «لا يدخل علينا أحد» فجاء الحسين بن علي رضي الله عنهما فدخل فقالت أم سلمة: هو الحسين!! فقال النبي: «دعيه» فجعل يعلو رقبة النبي صلى الله عليه وسلم ويعبث به، والملك ينظر، فقال الملك: أتحبه يا محمد؟!. قال: «إي والله إنيّ لأحبّه» قال: أما أنّ أمتك ستقتله، وإن شئت أريتك المكان؛ فقال بيده فتناول كفاً من تراب فأخذت أمّ سلمة التراب فصرّته في خمارها، فكانوا يرون أنّ ذلك التراب من كربلاء( ). #13;#10;قال الهيثمي: رواه الطبراني وإسناده حسن( ). وقد أقرّه الألباني في سلسلته الصحيحة( ).#13;#10;قلت: فلولا قدسها لما صرّته أم سلمة، ولما قبض منها جبرائيل!! #13;#10;قال الهيثمي: وعن ابن عباس قال كان الحسين جالساً في حجر النبي فقال جبريل صلى الله عليه وسلم: أتحبه؟. فقال: «وكيف لا أحبه وهو ثمرة فؤادي» فقال: « أما إنّ أمتك ستقتله، ألا أريك من موضع قبره، فقبض قبضة، فإذا تربة حمراء». رواه البزار ورجاله ثقات وفي بعضهم خلاف( ).#13;#10;المبحث السابع#13;#10;مقتل الحسين من الشعائر= عظيم عند الله#13;#10;مضى أنّ حقيقة الشعائر والحرمات تدور على ما كان عظيماً عند الله تعالى؛ ومقتل الحسين عظيم عند الله تعالى دون ريب، وانتبه فحديثنا الآن عن شعاريّة مقتل الحسين لا نفس الحسين 7؛ ضرورة عدم الشكّ في عظمة الحسين عند الله تعالى؛ فيكفي لكونه عظيماً أنّه سيّد شباب الجنّة 7..#13;#10;وممّا يدلّ على شعاريّة المقتل، وأنّه أمر عظيم عند الله تعالى، ما تواتر في هذا، ولقد أفردنا رسالة في معاجز مقتل الحسين 7( ) تعلن بكلّ وضوح عن عظمة مقتله المقدّس عند الله، فطالعها لتفهم هذا المبحث على وجهه التام..#13;#10;أخرج الطبراني بسنده عن ذويد الجعفي عن أبيه قال: لماّ قتل الحسين انتهبت جزور من عسكره فلمّا طبخت إذا هي دم( ). #13;#10;قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات( ).#13;#10;وقال عبّاس الدوري: سمعت ابن معين يقول: حدثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد قال: قتل الحسين بن علي ولي أربع عشرة سنة وصار الورس( ) الذي كان في عسكرهم رماداً، واحمرّت آفاق السماء، ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها النيران( ).#13;#10;وقال الإمام الذهبي في هذا الصدد – جازماً - قال ابن عيينة (=سفيان): حدثتني جدّتي قالت: لقد رأيت اللحم كأنّ فيه النّار حين قتل الحسين( ). كما قد خرّج بسند صحيح - جازماً أيضاً - قال: قال حمّاد بن زيد: حدثني جميل بن مرّة (=الشيباني) قال: أصابوا إبلاً في عسكر الحسين يوم قتل، فنحروها وطبخوها، فصارت مثل العلقم( ).#13;#10;#13;#10;الجن تنوح على الحسين7#13;#10;قال الهيثمي: وعن أم سلمة قالت: سمعت الجنّ تنوح على الحسين ابن علي. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح( ). وقال الهيثمي أيضاً: وعن ميمونة قالت سمعت الجن تنوح على الحسين بن علي. #13;#10;رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح( ).#13;#10;وقد علّق ابن كثير على خبر أمّ سلمة بقوله جازماً: وقد روى حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمارة عن أمّ سلمة أنّها سمعت الجن تنوح على الحسين بن علي، وهذا صحيح( ).#13;#10;#13;#10;الدم تحت أحجار بيت المقدس؛ لمقتل الحسين7#13;#10;روى الطبراني بسنده عن محمد بن عبد الله بن سعيد بن العاص عن الزهري قال: قال لي عبد الملك: أيّ واحدٍ أنتَ إنْ أعلمتني أيّ علامة كانت يوم قتل الحسين؟!. فقال الزهري: قلتُ: لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلاّ وجد تحتها دم عبيط. فقال لي عبد الملك: إنّي وإياك في هذا الحديث لقرينان( )( ).#13;#10;قال الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني ورجاله ثقات( ).#13;#10;وبسندٍ صحيح آخر روى الطبراني عن ابن جريج عن ابن شهاب (=الزهري) قال: ما رفع بالشام حجرٌ يوم قتل الحسين بن علي إلاّ عن دم( ). قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح( ). كما روى ثالثاً عن أبي بكر الهذلي عن الإمام الزهري - بسند صحيح معتبر - قال: لماّ قتل الحسين بن علي لم يرفع حجر ببيت المقدس إلاّ وجد تحته دم عبيط( ).#13;#10;ومن الأخبار المعتبرة في ذلك ما أخرجه ابن عساكر عن عبد الملك بن مروان أنّه أرسل إلى ابن رأس الجالوت فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟!. قال ابن رأس الجالوت: ما كشف يومئذ حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط( ).#13;#10;وروى ابن عساكر بسنده عن خلاّد - صاحب السمسم - وكان ينزل بني جحدر، قال: حدثتني أمّي قالت: كنّا زماناً بعد مقتل الحسين، وأنّ الشمس تطلع محمرة على الحيطان والجدر بالغداة والعشيّ، قالت: وكانوا لا يرفعون حجراً إلاّ وجد تحته دم( ).#13;#10;#13;#10;صل في منخر ابن زياد لعنه الله #13;#10;أخرج الترمذي صحيحاً في سننه قال: حدثنا واصل بن عبد الأعلى، أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير قال: لمّا جيء برأس عبيد الله بن زياد وأصحابه، نُضدت في المسجد في الرحبة، فانتهيت إليهم وهم يقولون: قد جاءت قد جاءت؛ فإذا حيّة قد جاءت تخلل الرؤوس حتى دخلت في منخري عبيدالله بن زياد، فمكثت هنيهة ثمّ خرجت، فذهبت حتى تغيبت، ثمّ قالوا: قد جاءت قد جاءت ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثاً. هذا (الترمذي يقول): حديث حسن صحيح( ).#13;#10;قال المباركفوري: وإنّما أورد الترمذي هذا الحديث في مناقب الحسنين؛ لأن فيه ذكر المجازاة لما فعله عبيد الله بن زياد برأس الحسين رضي الله عنه( ).#13;#10; #13;#10; حمرة السماء؛ لمقتل الحسين7 !!!#13;#10;روى المحدّثون وكذلك المؤرخون وغيرهم بأسانيد صحيحة عن أم حكيم قالت - واللفظ للطبراني -: قتل الحسين وأنا يومئذ جويرية (جارية صغيرة) فمكثت السماءُ أياماً مثل العلقة( ). وفي جزء الحميدي: فمكثت السماء سبعة أيّام بلياليهنّ كأنّها العلقة( ). #13;#10;قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله إلى أم حكيم رجال الصحيح( ).#13;#10;يشهد له أيضاً ما أخرجه الطبراني عن محمد بن سيرين قال: لم تكن في السماء حمرة حتى قتل الحسين. قال الهيثمي: رواه الطبراني( ) وفيه يحيى الحمّاني وهو ضعيف( ). #13;#10;أقول: الحمّاني ثقة، ولا أقل من كونه مختلف فيه، وهذه هفوة غير مرضيّة من الهيثمي. #13;#10;يشهد له ما أخرجه الطبري في هذا الصدد - بسند صحيح معتبر - عن السدي قال: لماّ قتل الحسين بن علي رضوان الله عليهما، بكت عليه السماء، وبكاؤهما حمرتها( ).#13;#10;يشهد لذلك أيضاً ما في سير أعلام النبلاء للذهبي: عن علي بن مدرك، عن جده الأسود بن قيس، قال: احمرّت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستة أشهر ترى كالدم. وفيه أيضاً: هشام بن حسان، عن محمد (=ابن سيرين) قال: تعلم هذه الحمرة في الأفق ممّ؟!. هو من يوم قتل الحسين( ). وهو صحيح معتبر.#13;#10; #13;#10;#13;#10;انكساف الشمس؛ لمقتل الحسين7!!#13;#10;قال الهيثمي: وعن أبي قبيل قال لما قتل الحسين بن علي انكسفت الشمس كسفة حتّى بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنّها هي. #13;#10;رواه الطبراني( )، وإسناده حسن( ).#13;#10;يشهد له ما أخرجه ابن عساكر متصلاً عن خلف بن خليفة عن أبيه قال: لماّ قتل الحسين اسودّت السماء وظهرت الكواكب نهاراً حتى رأيت الجوزاء عند العصر وسقط التراب الأحمر( ).#13;#10;#13;#10;حرمة الحسين بعد مقتله 7#13;#10;أخرج الطبراني في الكبير عن أبي رجاء العطاردي قال: لا تسبوا عليّاً، ولا أحداً من أهل البيت؛ فإنّ جاراً لنا قال: ألَمْ ترَوْا إلى هذا الفاسق..؛ الحسين بن عليّ قتله الله!! قال أبو رجاء: فرماه الله بكوكبين في عينيه فطمس الله بصره، وأنا رأيته( ).#13;#10;أقول: قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح( )، على أنّ الإمام الذهبي سرده في تاريخه الكبير، المسمّى بتاريخ الإسلام، جازماً به، مرسلاً له إرسال المسلّمات( ). #13;#10;قلت: والكوكب: البرق.#13;#10; #13;#10;قبر الحسين من شعائر الله وحرماته#13;#10;أخرج الطبراني عن الأعمش قال: خرىء رجل (أخزاه الله في الدارين وقد فعل) على قبر الحسين، فأصاب أهل ذلك البيت خبلٌ وجنونٌ وجذامٌ وبرصٌ وفقرٌ. #13;#10;قال الهيثمي: رواه الطبراني( ) ورجاله رجال الصحيح( ). #13;#10;وقد روى ابن عساكر – صحيحاً - بسنده عن الأعمش قال: أحدثَ رجلٌ من أهل الشام على قبر الحسين بن علي فأبرص من ساعته( ).#13;#10;أخرج الطبراني بسنده عن سفيان قال: حدثتني جدّتي أمّ أبي قالت: شهد رجلان من الجعفيين قتل الحسين بن علي، فأمّا أحدهما فورمت عورته فافتضح، وأمّا الآخر، فكان يستقبل الرّاوية بفيه حتى يأتي على آخرها، قال سفيان: رأيتُ ولد أحدهما، كان به خبل، وكأنّه مجنون( ). #13;#10;قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله إلى جدة سفيان ثقات( ).#13;#10;أقول: أي شهداه ولم ينصراه مع القدرة على ذلك.#13;#10; #13;#10;#13;#10;استحباب تلاوة مقاتل الأنبياء والأوصياء!!!.#13;#10;يحسب أهل الجهل أنّ من أقوى الإشكاليّات المطروحة، إشكاليّة: هل من أصل مقطوع الصدور في استحباب تلاوة المقاتل؟!!!.#13;#10;قلنا: أولاً السؤال خطأ، فلم يدّع الشيعة استحباب تلاوة المقاتل مطلقاً، وإنّما خصوص المقاتل الشعاريّة الحرماتيّة، وهي التي تدور مدار ما عظّم الله سبحانه وتعالى مطلقاً، سواء أكانت هذه الذوات المعظمّة (المقدّسة=المحترمة) إنسان كالأوصياء :، أو حيوان كناقة صالح 7، أو جماد كالحجر الأسود والكعبة وكربلاء....#13;#10;ثانياً: هاك النصّ المقطوع الصدور الذي ينطوي على مناط الاستحباب القطعي؛ كقوله تعالى: )وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ(29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ(30) فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ(( ). وكذا ما كان من قبيل قوله تعالى: )وَيَاقَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ(( ) وقال تعالى: )قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (155) وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156) فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (157) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (( ). وقال سبحانه أيضاً: )كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (( ). وفي هذا المجرى قوله تعالى: )لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ(( ). تقريب الاستدلال على فتوى الاستحباب علّة تلاوة القرآن الكريم مقاتل الذوات المعظّمّة، كالناقة، منصوص عليها، ظاهرة في الآيات الشريفة أعلاه بجلاء، وليست هي غير تنبيه الأمّة إلى أنّ انتهاك حرمة الذوات المقدّسة بالقتل، يوجب تكويناً، حلول العذاب العظيم والعقاب الأليم؛ فالله تعالى قد أهلك أمّة كاملة بسبب ناقة معظّمة؛ والحسين عليه السلام أعظم حرمة بيقين؛ كونه سيّد شباب أهل الجنّة. الحاصل: يستحب تلاوة المقاتل الشعائريّة؛ لعموم العلّة، ولنا كما ذكرنا رسالة في معاجز مقتل الحسين عليه السلام( ) جزمت يقيناً بحلول العذاب على كلّ الأمّة، لولا وجود أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم. حديث جامع في حرمة (=حرمات) آل محمّد 9 أخرج الإمام المعروف؛ الثعلبي، في تفسيره (427هـ)قال: أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن حامد الأصبهاني (إمام فقيه شافعي مشهور، لم يطعن فيه أحد، روى عنه جماعة من الفحول)( )، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن علي البلخي (إمام حافظ ثقة ثبت)، حدثنا يعقوب بن يوسف بن إسحاق (القزويني، ثقة، وقد صحح له الحاكم والذهبي وغيرهما)، حدثنا محمد بن أسلم (الكندي، ثقة إمام، شيخ الإسلام، من الأبدال)، حدثنا يعلي بن عبيد(الطنافسي، ثقة خ م) عن إسماعيل (بن أبي خالد البجلي، حافظ ثقة خ م) عن قيس(بن أبي حازم، ثقة حجة أجمعوا عليه، كاد أن يكون صحابياً، خ م) عن جرير (بن عبد الله البجلي صحابي) قال: قال رسول الله 9: «من مات على حب آل محمد مات شهيداً، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له، ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمناً مستكمل الإيمان، ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة، ثمّ منكر ونكير، ألا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنّة كما تزف العروس إلى بيت زوجها، ألا ومن مات على حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنّة، ألا ومن مات على حب آل محمد جعل قبره مزار ملائكة الرحمة، ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة، ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله، ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافراً، ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة»( ). أقول: إسناده صحيح على شرط الشيخين..؛ ممّا يستدرك عليهما كما لا يخفى على أهل الفنّ. والحديث نصّ ظاهر في حرمات آل محمّد 9. توهم شعاريّة ما ليس من الشعائر!!! ثمّة سلوكيّات متلبّسة بلباس الشعائر، يدعي أربابها أنّها من الشعائر بنحو الجزم، من قبيل التشبّه بالكلاب، والنباح كنباحها، إمعاناً في الولاء لسيد الشهداء الحسين خاصة وأهل البيت عليهم السلام عامّة.. وهيهنا سؤال : فهل أنّ ضابطة الشعائر الآنفة، والتي هي : تعظيم ما عظّم الله، تنطبق على هذا المصداق وأمثاله ؟!!!. قلنا : المدار على قواعد الاستنباط المجمع عليها بين فقهائنا رضوان الله تعالى عليهم، وهي - على الظاهر - لا تقرّ انطباق الضابطة على مصداق التشبّه بالكلاب والنباح بنباحها ..، بيان ذلك .. ضابطة الشعائر أعلاه قانون عام، والمصداق الآنف مشكوك الانطباق، لا يُعلم أنّه ممّا تتناوله الضابطة، بل لا يرجح أنّه من التعظيم في شيء، والمتعيّن في ما نحن فيه هو بطلان بل عدم جواز التمسّك بالضابطة في الشبهات المصداقيّة، مشكوكة الانطباق..؛ وهو ما يعبّر عنه في علم الأصول بمسألة : التمسّك بالعام في الشبهات المصداقيّة . والتي ذهب مشهور المحققين من السنّة والشيعة إلى بطلانها.. فالتطبير على سبيل المثال، والذي نقول تبعاً لمشهور الفقهاء بإباحته ؛ لعدم الدليل الواضح على الحرمة والمبغوضيّة ؛ فإنّما نقول به لذلك ؛ أي لعدم الدليل، وليس لكونه ممّا تتناوله عمومات التعظيم ؛ لما عرفت من بطلان التمسّك بالعام في الشبهات المصداقيّة ؛ فاحفظ . والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد سيد الأنبياء والمرسلين، وعترته الطاهرين المطهرين وسلم تسليما كثيراً. لإتحاف في خطر الإشاعة والإرجاف دراسة في الإشاعات التي غيّرت وجه التاريخ ">Text Box: شعبة البحوث والدراساتText Box: الشيخ باسم الحلي


نام کتاب : الذخائر في تفسیر آیة الشعائر نویسنده : الشیخ باسم الحلي    جلد : 1  صفحه : 1
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست